على ناصية الشارع

على ناصية الشارع - مدونة الزهراء الأدبية

على ناصية الشارع

بقلم: كرم محمد حربي

على ناصية الشارع عندنا، مجموعة من الشباب المهتمين بشؤون المارة من الناس، وعلى امتداد الشارع وطوله تراهم واقفين على جوانبه، يتفحصون المارة، ويتفقدون هيئاتهم، وكأنهم مسؤولون عن الرعية، وكلٌّوا مهامًا جديدة لتفقد شؤون العابرين.

في أول مرة رأيتهم وأنا أسير إلى وجهتي، اقترب أحدهم مني، شاب في العقد الثاني من العمر، حين اقترب مني متفحصًا هيأتي بعينه، انتابني شيء من الرهبة أو العجب، مال هذا الشاب ومالي؟ لا توجد سابق معرفة بيننا لينظر إلي هكذا، ثم استوقفني متسائلاً: هل تريد شيئًا؟ أخبرني، كل ما تحتاج لدينا.

بابتسامة مجتزئة بدت ملامحها على وجهي: شكرًا، لست بحاجة إلى شيء.

ثم أكملت طريقي إلى وجهتي. وأمام ناصية كل حارة يقف مجموعة من الشباب، يتقدمهم واحد منهم يستوقف كل من يمر بسؤاله: أتريد شيئًا؟ أخبرني، لدينا كل ما تحتاج!

لم يكن مني سوى الدهشة، وانتابني شيء من الفرحة، لقد عاد الناس ليهتمون بشؤون بعضهم البعض، الدنيا لسه بخير.

استمر هذا الحال طوال أول أسبوع، كلما مررت في هذا الشارع متجهًا إلى وجهة عملي مساءً، يستوقفني أحدهم، ويسألني إذا كنت أريد أن يقضي لي أو يأتيني به.

وأنا في كل مرة أشكره، وأمضي في سبيلي إلى وجهتي دون أن أسأل عن تلك الأشياء التي سيقضيها لي، أو أن أخبره ما هي الخدمات التي تقدمونها.

ثم سألت زميلًا لي في العمل: هناك مجموعات من الشباب يقفون على امتداد الشارع وطوله، على كل ناصية حارة في المكان كذا وكذا، يستوقفونني في كل مرة ويسألونني عما إذا كنت أريد شيئًا يأتوني به، وأنا أشكرهم وأمضي في سبيلي لحالي. مازال الخير موجودًا وهنا بالأخص في هذا الشارع، يساعدون الجميع دون سابق معرفة أو قرابة.

ضحك زميلي ضحكة طويلة وأدمعت عيناه ضحكًا، حتى شعرت بالضيق والحرج، وحين هممت أن أقوم من جواره، أمسك بيدي وقال: لا تذهب، ولا تؤاخذني، لا أقصد أي إهانة أو تقليل، ولكنك مازلت لا تعرف ما الذي يروجون له أو يقدمونه؟!

هؤلاء الشباب يروجون للمخدرات، وأنت تحسبهم يساعدون الناس! ألم تلاحظ أي روائح وأنت تمر بجوارهم؟!

دعك منهم وامض في طريقك، أو لتأتي من الشارع من الجهة الأخرى حتى لا يعترضك أحد من هؤلاء مرة أخرى، ولا تخدعك المظاهر مرة أخرى.

إرسال تعليق

شاركنا برأيك

أحدث أقدم

نموذج الاتصال