ضبابٌ يحجب الصبح: رحلة صباحية في قلب القاهرة
قصة: كرم محمد حربي | قسم: القصة القصيرة | تاريخ النشر: 15 ديسمبر 2023
الفصل الأول: صحوة في ضباب القاهرة
ضبابٌ كثيف يحجب الصبح كما يحجب السهد نومي. هاهو الصبح يبدأ بخيطه الأبيض بين ستائر الضباب الكثيفة، تلك الشابورة الصباحية التي تكسو الأفق الواسع. بالأمس كانت النشرات الإخبارية تذيع أن الطرق السريعة والرئيسية، كطريق مصر إسكندرية الصحراوي ومحور 15 مايو، مغلقة حتى السابعة صباحًا لانعدام الرؤية.
هاهي فرصتي للتأخر عن العمل! سبب وجيه عندما أذهب إلى عملي في حدود التاسعة، سأجد دفتر الحضور لم يُرفع بعد، ومسؤول الوقت يستقبلني بابتسامته غير المعتادة دون أن يخبرني بأن الخصم ينتظرني في آخر الشهر.
الفصل الثاني: الاستعداد للرحلة
فتحت النافذة لأتأكد بنفسي، فرأيت كيف حُصرت رؤيتي أمام الصورة الضبابية. أغلقت النافذة وعُدت، غسلت وجهي وتوضأت لأداء فريضة الصبح، ثم بدلت ملابسي: البلوفر الأزرق والبنطلون الأسود والجاكيت الجملي. كانت الساعة قد أوشكت على السادسة إلا ربع.
خرجت من البيت وأغلقت الباب خلفي حتى لا تخرب القطط والكلاب فرش البيت المعدوم أساسًا والذي عفا عليه الزمن. وأنا أتمنى أن أغير الفرش قريبًا.
الفصل الثالث: معاناة الانتظار والمواصلات
وقفت على زاوية الطريق منتظرًا أحد السيارات المتجهة إلى القاهرة. مرت أول خمس دقائق دون مرور أي سيارة. أشعلت سيجارة كليوباترا على أمل أن يزيل بعضًا من دخان النيكوتين جزءًا من الاضطراب الذي بدأ يظهر على مشيتي.
قبل أن تصل نصف السيجارة، لمحت من بعيد ضوء سيارة خافت على بعد حوالي خمسين مترًا. ولوحت بيدي فتوقفت. "إمبابة يا أسطي".
الفصل الرابع: جدل الأجرة والركاب
صعدت إلى السيارة الممتلئة براكب واحد في آخر كرسي. بدأ السائق شكواه من زيادة أسعار الوقود وعدم رغبة الركاب في دفع الزيادة. اندلع جدل حاد بين الركاب والسائق، بين من يرى أن السائقين لا يلتزمون بالتسعيرة، والسائيق الذي يحاول تبرير زيادة الأجرة.
انتهى الجدل باتفاق على زيادة نصف جنيه عن أول أمس. ثم ساد الصمت إلا من صوت السيارات على الطريق.
الفصل الخامس: معاناة جمع الأجرة
طلب السائق من الركاب جمع الأجرة. تقدم أحد الركاب لجمع الأجرة، وتذكرت حينها موقفًا مشابهًا حدث لي عندما تطوعت لجمع الأجرة ودفعت من جيبي عن راكبين نسيّا الدفع. أقسمت ألا أجلس خلف السائق مرة أخرى وألا أتطوع لجمع الأجرة.
الفصل السادس: رحلة مروعة ووصول متأخر
بعد جمع الأجرة، تحول السائق إلى شخص آخر، زاد سرعته بشكل مرعب حتى أصابنا الذعر. نزلت عند مشارف مدينة الوراق وأنا أشعر بالغثيان والصداع.
انتقلت إلى سيارة أخرى حتى وصلت إلى عملي في ميدان سيفنكس بالعجوزة. دخلت المركز الطبي وأنا أتمنى أن ألحق الدفتر قبل الساعة التاسعة.
الفصل السابع: خصم نصف يوم
"صباح الخير يا أستاذ حامد. الحق الدفتر قبل ما يقفلوه. الساعة تسعة إلا دقيقتين، كده كده خصم نص يوم".
رددت: "ثواني يا أستاذ، مش المفروض النهاردة شابورة مائية وفي فترة سماح للموظفين بالتأخير؟"
"حضرتك الساعة كام في إيدك؟ تسعة يا أستاذ حامد. تمام يا أستاذ، حضرتك كده نص يوم النهاردة، وما تنساش تسمع الأخبار لما تروح".
